معهد واشنطن: علاقات الإمارات مع بكين قد تعرض المصالح الأمريكية لمخاطر
سلط تقرير لمعهد واشنطن الضوء إلى أن الإمارات لا تتردد بشأن تعميق علاقاتها مع بكين بطرق قد تعرض المصالح الأمريكية لمخاطر.
وأكد التقرير، الذي أعده ثلاثة خبراء اثنان منهم ذوي خلفية عسكرية، على شركة الذكاء الاصطناعي الإماراتية "مجموعة 42 القابضة ("جي 42") وعلاقاتها مع الصين.
وقال التقرير إنه في يناير/كانون الثاني، طلبت "اللجنة المعنية بالحزب الشيوعي الصيني" في مجلس النواب الأمريكي من وزارة التجارة الأمريكية التحقيق في شركة "جي 42" على خلفية شكوك حول علاقاتها بكيانات صينية مدرجة على القائمة السوداء، وقد جاء ذلك الطلب بعد أشهر من الضغوط الأمريكية في هذا الصدد بعيداً عن الأضواء.
وفي فبراير/شباط الماضي، وفي تأكيد واضح على هذه المخاوف، أعلنت شركة "جي 42" أن ذراعها الاستثماري قد سحبت كامل استثماراتها من الشركات الصينية، بما في ذلك أسهم بقيمة 100 مليون دولار في شركة "بايت دانس"، المالكة لتطبيق "تيك توك" المثير للجدل.
وبحسب التقرير فإنه بينما توطد دول المنطقة علاقاتها مع الصين في قطاعات متعددة، سيستمر الكثير منها في اختبار حدود صبر الولايات المتحدة وتقبلها للمخاطر، والإمارات ليست استثناءً.
أما الرئيس التنفيذي لشركة "جي 42" فهو بينغ شياو، شخصية مثيرة للجدل تخلى عن جنسيته الأمريكية مقابل الحصول على الجنسية الإماراتية. وكان يرأس سابقاً شركة "بيغاسوس" التابعة لشركة "داركماتر غروب" التي تتخذ من الإمارات مقراً لها والمتهمة بارتكاب انتهاكات خطيرة للخصوصية داخل البلاد وخارجها. وقبل تأسيس شركة "جي 42"، أبرم صفقة بين شركة "بيغاسوس" وعملاق التكنولوجيا الصيني "هواوي"، برزت من خلال ترويج الأخيرة تطبيق "توتوك"، وهو تطبيق مراسلة مثير جداً للجدل مرتبط بكل من "جي 42" و"داركماتر".
وتشمل هذه الشركات الصينية شركة "بي جي آي جينوميكس" التي أدرجتها وزارة الدفاع الأمريكية على القائمة السوداء في عام 2021 باعتبارها كيان عسكري صيني رسمي.
كما أن شركة "جي 42" عقدت خلال جائحة "كوفيد-19" شراكة مع شركة "بي جي آي" للكشف عن الفيروسات كما عملت أيضاً مع شركة صينية أخرى، وهي "سينوفارم"، على إنتاج اللقاحات. وفي مارس / آذار 2023، دخلت مجدداً في شراكة مع "بي جي آي" في إطار برنامج الجينوم الإماراتي.
ولا تقتصر التوترات على الصعيد التقني بين الإمارات وواشنطن على شركة "جي 42" فقط. ففي عام 2019، تعاقدت شركة "اتصالات" الإماراتية مع شركة "هواوي" لبناء أبراج الجيل الخامس - وهو الترتيب الذي أثار غضب الولايات المتحدة في ظل إدارتي ترامب وبايدن. وقد تعمقت علاقات الإمارات مع الشركة منذ ذلك الحين وفقاً للصفقات المتعددة التي تم الإعلان عنها في العام الماضي.
ويرى المسؤولون الأمريكيون شركة "جي 42" وغيرها من المساعي التكنولوجية الإماراتية مع الصين كمخاطر كامنة تهدد المعلومات والتكنولوجيا المملوكة للولايات المتحدة، وفي بعض الحالات على الأمن القومي أيضاً. ومن وجهة نظرهم، فإن وجود الشركات الصينية ينطوي على مخاطر التجسس المؤسسي والفني ضد الكيانات الأمريكية عندما تعمل ضمن الشبكات نفسها.
منذ عام 2022، وفّرت الإمارات 7 بالمائة تقريباً من واردات الصين من النفط الخام و6 بالمائة من وارداتها من المنتجات النفطية.
تُعتبر الإمارات أكبر مركز للشركات الصينية في المنطقة ونقطة عبور لحوالي 60 بالمائة من التجارة الصينية المتدفقة إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفقاً لوزارة الخارجية الإماراتية.
وفقاً لبعض التقارير، تحتل الصين المرتبة الثالثة في الاستثمار الأجنبي المباشر في الإمارات، بعد بريطانيا والهند.
وبحسب التقرير فإنه "لا يمكن لواشنطن أن تتفاجأ أو تستاء عندما تتخذ الإمارات خطوات لتعزيز علاقتها الاقتصادية القوية مع قوة عالمية مثل الصين".
ولكن في الوقت نفسه، تشير المشاريع مثل شركة "جي 42" إلى أن الإمارات لا تتردد بشأن تعميق علاقاتها مع بكين بطرق قد تعرض المصالح الأمريكية لمخاطر غير مقبولة، وأبرز الأمثلة على ذلك تطويرها لميناء خليفة في أبوظبي، حيث كشفت السلطات الأمريكية في عام 2021 أن الصين كانت تقوم ببناء منشأة عسكرية على مسافة كيلومترات من القوات الأمريكية في "قاعدة الظفرة الجوية". وقد ساهم هذا الاكتشاف في انحراف مسار المفاوضات التي سعت فيها الإمارات إلى الحصول على طائرات "إف-35" وطائرات مسيرة من طراز "إم كيو-9" وذخائر دقيقة بمليارات الدولارات من الولايات المتحدة.