الإمارات تنكل بالبنغال المحتجين على أراضيها ضد حكومتهم.. لماذا؟

الإمارات تنكل بالبنغال المحتجين على أراضيها ضد حكومتهم.. لماذا؟

اندلعت احتجاجات عارمة في جمهورية بنغلاديش الشعبية بسبب نظام العمالة المحاصصة وهو نظام حصص الوظائف العمومية، الذي أطلقته رئيسة الحكومة الشيخة حسينة.

ذلك النظام المجحف في حق العمالة البنغالية كونه يمنح 30% من الوظائف لأتباع النظام وهو ما احتج عليه الشعب في ثورة قادها الطلاب وراح ضحيتها المئات بعدما واجهتها الشرطة بالقمع.

استخدمت الشرطة الرصاص الحي والغاز وتم فرض حظر التجوال على الشعب الذي استمر في ثورته حتى تراجعت السلطات فدعمها البنغال العاملين في خارج في كل بقاع الأرض وعلى رأسها الإمارات.

لكن أبوظبي قامت بالقبض على البنغال المحتجين ضد حكومتهم بل وقدمهم للمحاكمة الهزلية وخلال أقل من 48 ساعة فقط التي أصدرت بحقهم أحكام بالمؤبد والسجن لـ 10 سنوات وأكثر بجانب ترحيل عدد كبير منهم من البلاد فلماذا فعلت ذلك؟!.

تكريس للقمع 

أكدت تقرير للمرصد الأورومتوسطي أن أبوظبي كرست نهجها  القائم على قمع أي تجمعات سلمية أو مظاهرات احتجاجية بعد أن أحالت عمال بنغاليين احتجوا ضد حكومة بلادهم إلى محاكمة عاجلة، حيث أمر النائب العام بإجراء تحقيق فوري مع مجموعة من المقيمين البنغاليين بعد تجمهرهم وإثارتهم للشغب في عدد من الشوارع خلال احتجاج ضد حكومة بلدهم.

التحقيقات التي جرت بإشراف مباشر من النائب العام، حمد الشامسي، اتهم البنغال بارتكاب “جرائم التجمهر في مكان عام والتظاهر ضد حكومة بلدهم، بقصد الشغب ومنع وتعطيل تنفيذ القوانين واللوائح” علاوة عن تعطيل مصالح الأفراد وإيذائهم وتعريضهم للخطر والحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وتعطيل حركة المرور والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وإتلافها، وتعطيل وسائل المواصلات عمداً، والدعوة إلى تلك التظاهرات والتحريض عليها.

طبقًا للقانون الاتحادي فإن تلك الأعمال تشكل جرائم تمس أمن الدولة وتخل بالنظام العام، ومن شأنها تعريض مصالح الدولة للخطر، ما دفع النيابة العامة إلى حبسهم احتياطيا على ذمة التحقيقات.

أحكام جائرة 

لم تكتف الإمارات بذلك بل قضت المحكمة الاستئنافية في في أبوظبي دائرة أمن الدولة، بأحكام سجن قاسية ومتفاوتة، والإبعاد، بحق 57 بنغاليا، بسبب تظاهرهم احتجاجا على ما يجري في بلادهم من قمع من جانب الحكومة.

وقالت وكالة الأنباء الرسمية (وام) إن محكمة أبوظبي الاتحادية، قضت بالسجن المؤبد بحق ثلاثة من حملة الجنسية البنغالية، بسبب دعوتهم إلى التظاهر ضد حكومة بلادهم، و53 آخرين بالسجن لمدة 10 أعوام، وعلى شخص واحد بالسجن 11 عاما، بذريعة دخول الإمارات بصورة غير قانونية والتظاهر.

خبراء أكدوا أن تلك الأحكام الجائرة تأتي في ضوء مسعى استمرار أبوظبي في سياسة قمع أي تجمعات سلمية أو مظاهرات شعبية احتجاجية، حيث تفرض واقعًا من القمع الشامل وتكميم الأفواه لكل ما يخالف توجهاتها وسياساتها، بما في ذلك الملفات الخارجية والداخلية، في ظل غياب سبل العدالة واحترام الحقوق.

قضية الإمارات84 

وخلال استضافة الإمارات لـ "مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ" (كوب 28)، في ديسمبر 2023، قدمت أبوظبي نحو 84 شخصا على الأقل إلى المحاكمة مجددًا رغم أن غالبيتهم محتجزون تعسفًا بعد إكمال محكوميتهم على ذات التهم والأفعال.

وفي 10 يوليو، أوردت وكالة الأنباء الرسمية (وام) أن محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية – دائرة أمن الدولة - أصدرت أحكامًا بإدانة 53 متهمًا من ناشطا وقضت بمعاقبتهم بعقوبات تراوحت بين السجن المؤبد والغرامة البالغ قدرها عشرين مليون درهم (نحو خمسة ونصف مليون دولار أمريكي)

وبحسب الوكالة، حكمت المحكمة على 43 متهمُا بالسجن المؤبد عن جريمة إنشاء وتأسيس وإدارة تنظيم "لجنة العدالة والكرامة" بغرض ارتكاب أعمال تهدد أمن الدولة على أرض الدولة وبمعاقبة خمسة متهمين بالسجن لمدة خمسة عشر سنة عن جريمة تعاونهم مع تنظيم دعوة الإصلاح  الطامحة لتمثيل أكبر للمواطنين في محافل الدولة ومناصرة التنظيم في مقالات وتغريدات نشروها على مواقع التواصل الاجتماعي مع علمهم بأغراضه.

كما قضت المحكمة بمعاقبة خمسة متهمين آخرين بالسجن لمدة عشر سنوات وتغريم كل منهم عشرة ملايين درهم (نحو 2.8 ملايين دولار) عن "جرائم غسل الأموال المتحصلة من جرائم انشاء وتأسيس تنظيم إرهابي وتمويله. وعاقبت المحكمة ست شركات والمسؤولين عنها بتغريم كل منها مبلغ عشرين مليون درهم وبحل وإغلاق مقار تلك الشركات ومصادرة أصولها وحقوقها المادية والمعنوية والأموال والعقارات والواجهات المملوكة لها، ومصادرة المواد والأدوات وكافة المتعلقات المضبوطة المتحصلة والمستخدمة في الجرائم المسندة اليها وهي جرائم غسل الأموال الواقعة من جماعة إجرامية منظمة واستخدام متحصلات غسلها في تمويل تنظيم إرهابي."

وأكدت منظمات في حين الحكم منها منظمة هيومن رايتش ووتش ومنظمة العفو الدولية والمرصد الأورومتوسطي ومركز الخليج لحقوق الانسان أن لدى الإمارات سجلًا حافلًا في احتجاز الأشخاص على خلفية الرأي والتعبير أو الخلفيات المرتبطة بالحريات، في وقت تمتنع فيه عن التعاطي أو التجاوب مع استفسارات منظمات حقوق الإنسان في القضايا ذات العلاقة.

 قانون جهاز أمن الدولة

تعود معظم الانتهاكات إلى قانون يعرف بقانون جهاز أمن الدولة -الذي لم ينشر علناً- الذي يمنح صلاحيات غير محدودة، وغير معلومة، للجهاز بالسيطرة على كل المؤسسات، وارتكاب الانتهاكات.

وأبرز الانتهاكات هي أن جميع المعتقلين في قضية “الإمارات94” ومن بعدها قضية "الإمارات84" والآن قضية المتظاهرين البنغال وكل من تم اعتقالهم بموجب قانون جهاز أمن الدولة في الإمارات، ويسمح هذا القانون باعتقال المعتقلين في سجون سرية تابعة لجهاز الأمن. 

الخلاصة

 تسعى أبوظبي لاسكات جميع الأصوات المعارضة سواء مواطنين أو مقيمين خصوصا فيما يتعلق بسياستها تجاه حرية التعبير وحقوق الإنسان والتدخل في شؤون البلدان الأخرى مثل اليمن وليبيا والسودان، بالاضافة الى التطبيع مع الكيان الصهيوني التي يظهر فيها المواطن الإماراتي معارضة واضحة، خشية انسلاخ الإمارات عن محيطها العربي والإسلامي، من خلال جهاز أمن الدولة  والقضاء الذي يوزع أحكامه بالسجن المؤبد لكل من يعارضه، والصمت الدولي عن الانتهاكات الرهيبة لحقوق الانسان في الدولة الخليجية.

الكاتب