بالعلاقات وملايين الدولارات.. كيف تستخدم الإمارات "نفوذها" خلال حرب غزة؟
سلطت وكالة بلومبرغ الضوء على الدور الذي تلعبه دولة الإمارات في العمل على حل الصراع في غزة، وقالت إنه "من خلال المساعدات المقدمة لغزة والعلاقات مع (إسرائيل) تظهر الإمارات نفوذها الدبلوماسي".
وأصبحت الإمارات أبرز دولة عربية تقيم علاقات رسمية مع (إسرائيل) خلال الثلاثين عاما الماضية ضمن ما يعرف باسم اتفاقات إبراهيم، التي رعتها الولايات المتحدة في 2020. وحافظت الإمارات على العلاقات مع إسرائيل خلال الحرب الدائرة منذ هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر.
وبعد اتفاق التطبيع، أسست (إسرائيل) والإمارات سريعا شراكة اقتصادية وثيقة على خلاف اتفاقي السلام المبرمين منذ عقود مع مصر والأردن، اللذين لم يسفرا عن علاقات تجارية مهمة.
وتم توقيع اتفاق للتجارة في 2022، وبدأ رواد أعمال إسرائيليون في التوافد على الإمارات في رحلات مباشرة من تل أبيب وأقاموا علاقات أعمال جديدة ووسعوا علاقات قائمة كانت طي الكتمان من قبل.
ووفقا لبيانات من دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، نمت التجارة بين البلدين، العام الماضي، 17 في المئة، لتصل إلى 2.95 مليار دولار.
وأضافت دائرة الإحصاء أنه رغم تباطؤ الوتيرة بعد الحرب ظلت التجارة أعلى بنسبة 7 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من 2024.
لكن أعداد السياح الإسرائيليين، الذين كانوا يترددون كثيرا على الإمارات، قلت ولم تعد فنادق ومطاعم وحانات دبي تعج بهم كما السابق، وذلك رغم أن الإسرائيليين واليهود يقولون إنهم لا يزالون يشعرون بالأمان في الإمارات.
وعلى خلاف دول عربية أخرى، لم تخرج في الإمارات مظاهرات دعما للفلسطينيين أو احتجاجا على إسرائيل، لكن يمكن رؤية أشخاص يضعون رموزا مثل الكوفية الفلسطينية في شوارع دبي.
وحرصت الإمارات على تقديم المساعدات للفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة، بعدما أدى الصراع إلى نزوح معظم سكان لقطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وتكدس العديد منهم في خيام مؤقتة في رفح، جنوبي القطاع، وسط شح في الغذاء والإمدادات الطبية الأساسية.
وفي نهاية الشهر الماضي، دعت أبوظبي إلى "نشر بعثة دولية مؤقتة" في القطاع، حيث دخلت الحرب بين (إسرائيل) وحركة حماس شهرها العاشر، بينما لا تزال مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن بين الطرفين برعاية الوسطاء تراوح مكانها.
ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام) عن وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي، ريم الهاشمي، قولها إن "ترسيخ السلام والأمن وإنهاء المعاناة الإنسانية يجب أن يبدأ بنشر بعثة دولية مؤقتة في غزة، بدعوة رسمية من الحكومة الفلسطينية".
وأوضحت أن هذه "البعثة الدولية ستكون مسؤولة عن الاستجابة بكفاءة للأزمة الإنسانية التي يواجهها المواطنون في غزة، وإرساء القانون والنظام، وإرساء أسس الحكم، وتمهيد الطريق لإعادة توحيد غزة والضفة الغربية تحت سلطة فلسطينية شرعية واحدة".
وذكر موقع أكسيوس الأميركي، الشهر الماضي، أن مسؤولين من "الولايات المتحدة و(إسرائيل) والإمارات عقدوا اجتماعا في أبوظبي لمناقشة الخطط الخاصة بغزة بعد انتهاء الحرب".
وتتركز جهود الإمارات الإنسانية لمساعدة غزة في مدينة العريش المصرية، في شمال سيناء، القريبة من غزة، وفق تقربر بلومبرغ.
وهذه "المهمة الإنسانية التي تقوم بها الدولة الخليجية واحدة من أكبر المهام الإنسانية التي تقوم بها دولة الإمارات في قطاع غزة".
ومنذ بدء الصراع، كلفت جهود المساعدة التي تبذلها الإمارات في العريش والأراضي الفلسطينية الإمارات حوالي 700 مليون دولار، وفقا لما قاله سلطان الشامسي، مساعد الوزير لشؤون التنمية والمنظمات الدولية في وزارة الخارجية، وهو أحد المسؤولين المشرفين على العمليات الإنسانية.
وشمل ذلك إنشاء مستشفى ميداني في مدينة رفح، عالج ما يقرب من 50 ألف شخص، وفقا للمسؤول، ومنشأة طبية مؤقتة.
وتدير الإمارات محطات لتحلية المياه في العريش، والعديد من المستودعات التي تحتوي على المواد الغذائية والأدوية والملابس، وتوفر التمويل لعمليات الإنزال الجوي.
وتقول بلومبرغ إن الجهود التي تبذلها الإمارات "شهادة على النفوذ الإقليمي المتزايد للدولة الخليجية، التي أقامت علاقات مع (إسرائيل) ".
"وتستخدم أبوظبي هذه العلاقات، وتريليونات البترودولارات لديها، للعب دور قيادي في الجهود الدبلوماسية والمساعدات في الصراع، فضل عن استعدادها للمساعدة في الاستعداد لسيناريو ما بعد الحرب، ويشمل ذلك إرسال قوات أمنية إلى غزة"، وفق الوكالة.
وقال ستيفن هيرتوغ، الأستاذ المشارك في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، إن أحد دوافع الإمارات قد يكون "جعل نفسها وسيطا دبلوماسيا مهما يمكنه التعامل مع كل من (إسرائيل) ومصر بطريقة لا تستطيع القيام بها سوى قِلة من البلدان الأخرى".
وأضاف: "تتعرض الإمارات أيضا لبعض الضغوط لإحداث تأثير إيجابي على فلسطين نظرا للقدر الهائل من الانتقادات التي تتعرض لها في المجال العام العربي"، بسبب التطبيع مع (إسرائيل) .
ورغم الجهود المبذولة، يقول التقرير، إن نفوذها لا يذهب بعيدا، إذ لا تظهر الحرب أي علامة على نهايتها، ولم تول القيادة الإسرائيلية اهتماما كبيرا للدعوات الدولية لوقف إطلاق النار.