نشطاء يحذّرون من دور التطبيع في تعميق المعاناة في غزة وتصاعد الكارثة

نشطاء يحذّرون من دور التطبيع في تعميق المعاناة في غزة وتصاعد الكارثة

عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا الاثنين الماضي، ندوة بعنوان "غزة تحت الإبادة: تصاعد الكارثة ودور التطبيع في تعميق المعاناة"، حيث سلط المتحدثون الضوء على العوامل المختلفة التي تساهم في تفاقم الأزمة الإنسانية المتصاعدة في غزة.

وضمت الندوة الدكتورة نوا شيندلينغر، أستاذة تاريخ الشرق الأوسط في جامعة ووستر ستيت؛ وكين روث، المحامي الأمريكي والمدير التنفيذي السابق لمنظمة هيومان رايتس ووتش؛ وجيم موران، العضو الديمقراطي السابق في مجلس النواب الأمريكي؛ وأحمد النعيمي، الناشط والمدافع الإماراتي عن حقوق الإنسان؛ والبروفيسور ستيفن زونس من جامعة سان فرانسيسكو؛ والدكتور ليكس تاكينبيرغ، المدير السابق لعمليات الأونروا؛ والناشطة الأمريكية سارة فلاوندرز، المدير المشارك لمركز العمل الدولي.

وقدم كل متحدث تحليلاً نقديًا للإبادة الجماعية المستمرة في غزة، مؤكدين على تواطؤ عدد من الأنظمة والحكومات الغربية والعربية، وخاصة من خلال تطبيع العلاقات مع إسرائيل ودور الولايات المتحدة في دعم جرائم الحرب الإسرائيلية.

في كلمتها، سلطت الدكتورة نوا شيندلينغر الضوء على سياسات الولايات المتحدة القمعية فيما يتعلق بالحديث عن القضية الفلسطينية، وخاصة داخل المؤسسات الأكاديمية، مشيرة إلى ردود فعل عنيفة متزايدة ضد أي شخص يدعم فلسطين، وخاصة في الحرم الجامعي، حيث بدأت الإدارات في تغيير قواعد المشاركة السياسية. ومع بدء العام الدراسي، تتوقع شيندلينجر قمعًا متزايدًا للنشاط المؤيد لفلسطين، والذي أطلقت عليه "عقوبة فلسطين"، والذي يستهدف الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين يتحدثون بصراحة ضد الجرائم الإسرائيلية، لافتة أن هذا القمع هو جزء من استجابة أوسع وأكثر تنظيماً من النخب السياسية والأكاديمية تهدف إلى إسكات المعارضة بشأن هذه القضية.

كما أنها تناولت الإشارات المختلطة وغير الواضحة الصادرة عن الحزب الديمقراطي مع اقتراب الانتخابات الأمريكية، لافتة أنه في حين شهد الرأي العام زيادة طفيفة في وضوح حقوق الفلسطينيين داخل الحزب، فقد كان هذا مصحوبًا بمقاومة قوية من قيادة الحزب نفسه. وأشارت الدكتورة شايندلينغر إلى أنه على الرغم من وجود بعض الأصوات داخل الحزب التي تدافع عن حقوق الفلسطينيين، فإن القيادة، بما في ذلك شخصيات مثل كامالا هاريس، تواصل تأكيد دعمها لإسرائيل، وبالتالي تهميش الخطاب الهادف حول الحرية والكرامة الفلسطينية.

وفي ختام كلمتها، حذرت الدكتورة شايندلينغر من الجهود المكثفة التي تبذلها النخب السياسية والأكاديمية الأمريكية لقمع تزايد النشاط الشعبي الداعم لفلسطين. وأشارت إلى أن هذا الاتجاه القمعي يشير إلى التواطؤ الأوسع لهذه النخب في الإبادة الجماعية المستمرة ضد شعب غزة، حيث تواصل تزويد إسرائيل بالدعم اللازم لإدامة أفعالها القمعية مع تزايد قمع الأصوات التي تعترض على الوضع الراهن.

في مداخلته، ركز كين روث مناقشته على المحكمة الجنائية الدولية والدور الأمريكي في عرقلة العدالة للشعب الفلسطيني. انتقد روث نائبة الرئيس والمرشحة لرئاسة أمريكا كامالا هاريس لافتقارها إلى الالتزام بمعالجة القضايا الأساسية للإبادة الجماعية في غزة، خاصة في ظل زيادة الدعم العسكري من الولايات المتحدة لإسرائيل. وأشار روث إلى أنه في حين قد تعترف هاريس بمعاناة المدنيين الفلسطينيين وتدعو إلى وقف إطلاق النار، فإنها، مثل إدارة بايدن، تتجنب معالجة المسألة الحاسمة المتمثلة في تقييد مبيعات الأسلحة لإسرائيل، مؤكدًا أن هذه السياسة تمكّن إسرائيل فعليًا من مواصلة حملتها الإبادة الجماعية ضد غزة دون عواقب.

وحلل روث الحجج القانونية المختلفة المقدمة ضد اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على إسرائيل، وخاصة فكرة أن فلسطين ليست دولة قادرة على منح مثل هذه الولاية القضائية. وأكد أن هذه الاعتراضات لا أساس لها من الصحة، وخاصة بالنظر إلى السابقة التي أرستها المحكمة الجنائية الدولية في تعاملها مع الوضع في أوكرانيا، حيث تم الطعن في الاختصاص الإقليمي على نحو مماثل. وتوقع روث أن ترفض المحكمة الجنائية الدولية في نهاية المطاف هذه الحجج وتمضي قدمًا في محاكمة القادة الإسرائيليين على جرائم الحرب التي ارتكبوها، بما في ذلك التجويع المتعمد وقصف غزة المستمر، وهي الأفعال التي وصفها بأنها جزء لا يتجزأ من استراتيجية الإبادة الجماعية الإسرائيلية.

وفي تحليله للوضع، أشار روث إلى الآثار الأوسع نطاقاً المترتبة على تواطؤ الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في هذه الجرائم. وأكد أن رفض محاسبة إسرائيل، على الرغم من الأدلة الواضحة على الإبادة الجماعية، يعكس تحيزاً عميق الجذور داخل النظام القانوني الدولي، وهو تحيز يعطي الأولوية للمصالح الجيوسياسية على العدالة. واختتم روث كلمته بالتأكيد على أهمية دور المحكمة الجنائية الدولية في تحدي هذا الإفلات من العقاب، حتى مع إقراره بالعقبات السياسية الكبيرة التي لا تزال قائمة.

في مداخلته، وجه السياسي الأمريكي جيم موران نقدًا لاذعًا للإدارة الأمريكية بسبب تواطؤها في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد شعب غزة، مركزًا على دور المال والإعلام والتأثير السياسي في تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية. وأعرب عن أسفه لأنه على الرغم من جرائم الحرب اليومية التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين الأبرياء، تواصل الولايات المتحدة تزويد إسرائيل بمليارات الدولارات من المساعدات العسكرية، بما في ذلك بعض الأسلحة الأكثر فتكًا في الترسانة الأمريكية. وأكد موران أن هذا الدعم لا يسهل الإبادة الجماعية فحسب، بل يوفر أيضًا غطاءً سياسيًا لحكومة وصفها بأنها فاشية وعنصرية، عازمة على تطهير غزة عرقيًا.

وأعرب موران عن خيبة أمله في الإدارة الأمريكية الحالية، مشيرًا إلى أنه في حين قد تعبر كامالا هاريس عن تعاطفها مع الفلسطينيين مثل بايدن، فإن أفعالهما كانت متواطئة في الإبادة الجماعية. وحذر من أن إدارة ترامب ستكون أسوأ، لأنها من المرجح أن تشجع على تكتيكات أكثر عدوانية من قبل إسرائيل. كما انتقد موران المجتمع الدولي، وخاصة أوروبا، لفشله في التحرك ضد هذه الفظائع، مشيراً إلى أن تقاعسهم يرجع جزئياً إلى اعتمادهم على القوة العسكرية والاقتصادية الأميركية.

وتناول موران دور المجتمع المسلم في الولايات المتحدة بشكل خاص والعالم العربي بشكل عام، مؤكداً على الحاجة إلى تعبئة سياسية أكبر. وأشار إلى أن "عدد المسلمين الأميركيين يساوي عدد اليهود الأميركيين"، ومع ذلك فإن المجتمع المسلم كان أقل مشاركة في العملية السياسية ومظاهر التضامن مع فلسطين. وتساءل: "أين المسلمون الأميركيون؟" مشيراً إلى أن افتقارهم إلى النشاط السياسي يتناقض بشكل حاد مع الأنشطة التي يقوم بها اليهود في أمريكا لأجل فلسطين. وأشار موران إلى أن "قلة منهم منخرطة"، لكنه انتقد الافتقار إلى المشاركة الأوسع، مشيراً إلى أن "عدد الطلاب اليهود الذين يحتجون على ما يحدث في غزة أكبر من عدد الطلاب المسلمين".

كما أنه دعا إلى قيادة أقوى وتنظيم أكبر بين المسلمين الأمريكيين والمجتمعات العربية، مؤكدًا أن مستواهم الحالي من المشاركة السياسية غير كاف لإحداث التغيير.

وفي ختام كلمته، سلط موران الضوء على الإفلاس الأخلاقي والسياسي للولايات المتحدة وحلفائها، معتبراً أن فشلهم في الاستفادة من القوة الحقيقية ـ مثل حجب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للنفط ـ يدل على عدم الالتزام بالعدالة. وأشار إلى نفاق العالم العربي، وخاصة القيادة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي تعطي الأولوية للعلاقات الاقتصادية مع إسرائيل على حياة الفلسطينيين، قائلاً إن " النفط هو النفوذ الحقيقي الوحيد الذي يتمتع به العالم العربي"، ومع ذلك لا يزال غير مستخدم.

الناشط الإماراتي أحمد النعيمي بدأ كلمته بالتعبير عن قلقه العميق وخجله إزاء الدور الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة في دعم جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة. وسلط الضوء على التناقض الصارخ بين الدعوات العالمية لوقف إطلاق النار وإجراءات الإمارات العربية المتحدة، والتي تشمل تسهيل التجارة ومشاريع البنية التحتية التي تعود بالنفع في نهاية المطاف على إسرائيل.

وأكد النعيمي أنه في حين يطالب العالم بالعدالة للشعب الفلسطيني، اختارت حكومة الإمارات العربية المتحدة دعم إسرائيل، في الوقت الذي يُقتل فيه الأبرياء ليلًا ونهارًا. وأشار إلى أن 80٪ من التبادل التجاري بين إسرائيل والدول العربية الطبيعية تسيطر عليه الإمارات العربية المتحدة، وهي حقيقة يجدها مقلقة للغاية كمواطن إماراتي.

وربط النعيمي قمع الإمارات العربية المتحدة لمواطنيها بدعمها الأوسع للجرائم الإسرائيلية. وروى كيف قامت حكومة الإمارات العربية المتحدة منذ عام 2011 بإسكات الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين عارضوا التطبيع مع إسرائيل بشكل منهجي، كما تحدث عن تجربته الشخصية، بما في ذلك اعتقال شقيقه ونشطاء آخرين من أصدقائه، الذين وصفتهم الحكومة بالإرهابيين دون أي دليل، لمجرد أنهم وقفوا ضد عملية التطبيع ودعموا الحقوق الفلسطينية. وأكد النعيمي أن هذا القمع هو جزء من استراتيجية متعمدة من قبل حكومة الإمارات العربية المتحدة لضمان عدم السماح لأي معارضة لسياساتها تجاه إسرائيل.

علاوة على ذلك، انتقد النعيمي التدخل المالي للإمارات العربية المتحدة في الحكم المستقبلي لغزة كجزء من صفقة سرية مع إسرائيل والولايات المتحدة. ووصف كيف وضعت الإمارات العربية المتحدة نفسها للسيطرة على إدارة غزة بعد الحرب، وهي الخطوة التي يراها خيانة للقضية الفلسطينية. وبحسب النعيمي، فإن هذا ليس مجرد مسألة معاملات اقتصادية، بل هو مؤشر واضح على تواطؤ الإمارات العربية المتحدة في الإبادة الجماعية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني. واختتم مداخلته بإدانة حكومة الإمارات العربية المتحدة لاستخدامها ثروة الشعب الإماراتي لدعم الجرائم الإسرائيلية، بدلاً من الوقوف مع إخوانهم وأخواتهم العرب والمسلمين في غزة.

قدم البروفيسور ستيفن زونس في مداخلته تحليلاً نقدياً لدور الولايات المتحدة في إدامة الإبادة الجماعية في غزة، وخاصة من خلال دعمها الثابت لإسرائيل عسكريًا وماليًا ودبلوماسيًا. وسلط الضوء على النمط الذي تدعم به الولايات المتحدة ظاهرياً مقترحات وقف إطلاق النار، ولكنها في الوقت نفسه تغيرها لتتماشى مع المطالب الإسرائيلية، فقط لإلقاء اللوم على حماس عندما ترفض إسرائيل هذه المقترحات.

وأشار زونس إلى أنه في حين كانت هناك ضغوط عامة كبيرة من أجل وقف إطلاق النار، فإن الحكومة الأميركية تواصل تقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل، وبالتالي تمكين الحرب المستمرة والأزمة الإنسانية في غزة. وقارن هذا الوضع بإجراءات السياسة الخارجية الأميركية السابقة، مثل دعم الأنظمة القمعية في أميركا الوسطى، مما يوضح نمطاً راسخاً من إعطاء الأولوية للمصالح الاستراتيجية على حقوق الإنسان.

وتناول زونس تواطؤ الحزب الديمقراطي في هذه الأزمة، مشيرًا إلى أنه في حين كان هناك بعض الدعم الخطابي لحقوق الفلسطينيين، إلا أن الحزب في الممارسة العملية أيد سياسات تقوض أي تقدم فعلي نحو السلام. وانتقد زونس المنصة الديمقراطية لتأييدها اتفاقيات إبراهيم، وهي سلسلة من اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والعديد من الدول العربية، والتي يرى أنها قللت من احتمالات قيام دولة فلسطينية. ووفقًا لزونس، فإن موقف الحزب يعكس اتجاهًا أوسع في السياسة الخارجية الأمريكية، حيث يتم إعاقة التغيير الحقيقي من خلال المصالح الراسخة، بما في ذلك اللوبي الصهيوني، مما يجعل من الصعب على الأصوات الأكثر تقدمية التأثير على السياسة.

وعلى الرغم من شكوكه، أقر زونس ببعض التطورات الإيجابية، وخاصة دور نائبة الرئيس كامالا هاريس، التي أظهرت استعدادًا أكبر لانتقاد الإجراءات الإسرائيلية مقارنة بالرئيس بايدن. وأشار إلى أن هاريس كانت أول مسؤول رفيع المستوى في إدارة بايدن يتحدث ضد ارتفاع عدد القتلى المدنيين في غزة ويدعو إلى وقف إطلاق النار. ومع ذلك، حذر زونس من أنه بدون ضغوط شعبية كبيرة، من المرجح أن تفشل جهود هاريس في تحقيق التغييرات الدرامية اللازمة لإنهاء الإبادة الجماعية في غزة. واختتم كلمته بالحث على مواصلة النشاط والتعبئة السياسية لمحاسبة القادة الأميركيين على دورهم في تمكين إسرائيل من ارتكاب جرائم الحرب.

في مداخلتها، قدمت سارة فلاوندرز نقدًا قويًا لتطبيع الإبادة الجماعية، أي اعتبارها أمر واقع، مؤكدة أنها ليست مجرد مسألة تجاهل الفظائع المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، بل هي محو متعمد لمعاناتهم من الخطاب العام العالمي. وسلطت الضوء على الرقابة والقمع المنهجي الذي تمارسه منصات التواصل الاجتماعي المملوكة للصهاينة، والتي أسكتت الأصوات التي تتحدث ضد الإبادة الجماعية في غزة. وأشارت فلاوندرز إلى أن هذه الرقابة تمتد إلى الأحداث السياسية السائدة، مثل مؤتمرات الحزب الجمهوري والديمقراطي، حيث كان أي ذكر لفلسطين غائبًا بشكل ملحوظ. وانتقدت خطاب قبول كامالا هاريس في المؤتمر الوطني الديمقراطي باعتباره أحد أكثر الخطابات تشددًا على الإطلاق، مؤكدة على دعم الحكومة الأمريكية الثابت لحملة الإبادة الجماعية الإسرائيلية.

وأكدت فلاوندرز أن التغيير الحقيقي لن يأتي من النخب السياسية أو من خلال الأحكام القانونية للهيئات الدولية مثل المحكمة الجنائية الدولية، والتي ترى أن وسائل الإعلام الأمريكية غالبًا ما تتجاهلها، بل تؤمن بأن التغيير سيأتي من الشعوب، داعية إلى استمرار التعبئة الشعبية الرافضة للجرائم الإسرائيلية في غزة.

ورسمت فلاوندرز أوجه التشابه مع الحركة المناهضة لحرب فيتنام، والتي نجحت في إنهاء تورط الولايات المتحدة من خلال الاحتجاجات الجماهيرية والعصيان المدني. وأكدت فلاوندرز أن المقاومة المستمرة في غزة، فضلاً عن الانهيار الداخلي للدولة الصهيونية، هي علامات على أن التغيير ممكن إذا استمرت الحركة العالمية ضد الإبادة الجماعية في النمو والتكثيف.

وفي ختام كلمتها، انتقدت فلاوندرز الأنظمة العربية التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، واتهمتها بخيانة القضية الفلسطينية وشعوبها من أجل الحفاظ على السلطة والنفوذ العالمي، مشددة على أن هذه الأنظمة بعيدة كل البعد عن الواقع الجيوسياسي الجديد، ومحذرة من أنها يجب أن تخشى المقاومة المتصاعدة من الأسفل، في إشارة للشعوب. وحثت فلاوندرز الشعوب على الاستمرار في دعم المقاومة الفلسطينية وأكدت أن القوة الحقيقية تكمن في الشعب، وليس النخب التي تديم الإبادة الجماعية وتطبيعها.

مدير العمليات السابق في الأونروا ومستشار منظمة النهضة العربية الدكتور ليكس تاكينبيرغ قدم تحليلاً مفصلاً للوضع الحالي في غزة، مع التركيز على الآثار الأوسع للحرب الجارية التي بدأت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأشار تاكينبيرغ إلى أن الصراع تحول إلى حرب استنزاف، مدفوعة إلى حد كبير بالمصالح الشخصية والسياسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو. ولا تظهر هذه الحرب، التي امتدت إلى لبنان، وشارك فيها حزب الله، بل وأثرت حتى على المنطقة الأوسع التي تربطها علاقات بالحوثيين وإيران وسوريا، أي علامات على حل سريع. وأكد تاكينبيرج أن الأحداث منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول قد غيرت بشكل كبير ولا رجعة فيه فيما يتعلق بمستقبل فلسطين. وسلط الضوء على التفكك الداخلي داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث اتسعت الخلافات العميقة بين الفصائل المختلفة منذ بدء الحرب، مما جعل احتمال اندلاع حرب أهلية في إسرائيل أقرب يومًا بعد يوم.

وناقش تاكينبيرغ الخطوات الكبيرة التي تم اتخاذها نحو محاسبة إسرائيل على جرائمها، وخاصة من خلال الآليات القانونية الدولية. وأشار إلى احتمال إصدار أوامر اعتقال لقادة إسرائيليين مثل نتنياهو وغالانت كخطوة حاسمة في هذه العملية. كما أشار تاكينبيرج إلى أهمية الرأي الاستشاري الأخير لمحكمة العدل الدولية، والذي يعزز حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها والتضامن العالمي الأوسع مع فلسطين. وزعم تاكينبيرج أن هذه الإجراءات القانونية سيكون لها تأثيرات عميقة ليس فقط على إسرائيل، ولكن أيضًا على الدول في العالم العربي والغرب التي تدعم إسرائيل، حيث ستضطر إلى التوفيق بين نتائج محكمة العدل الدولية، والتي تشمل عدم شرعية الاحتلال والإبادة الجماعية المستمرة.

وعندما سُئل عن المسؤولية القانونية المحتملة للدول العربية مثل الإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية، التي تطبع العلاقات مع إسرائيل، أوضح تاكينبيرج أن هناك مستويات متعددة من المساءلة: الأخلاقية والسياسية والقانونية.

وأشار إلى القضية القانونية الجارية من نيكاراغوا ضد ألمانيا بسبب تواطؤها في جرائم الحرب كمثال لكيفية متابعة مثل هذه القضايا. وبينما تستغرق هذه القضايا سنوات حتى يتم البت فيها، أعرب تاكينبيرج عن ثقته في أن شدة الإبادة الجماعية غير المسبوقة في غزة ستؤدي في النهاية إلى مساءلة الدول المتواطئة. وأشار أيضاً إلى أن نتائج محكمة العدل الدولية تسبب بالفعل انزعاجاً بين السياسيين المتواطئين في الإبادة في مختلف البلدان، مما يشير إلى أن التأثير السياسي لهذه القرارات القانونية أصبح محسوساً حتى قبل صدور الأحكام النهائية.

 

الكاتب