"بلومبيرغ": ابن مستشار خامنئي يصبح "زعيما عالميا" للنفط الإيراني من دبي
قبل عامين، استأجرت مجموعة "ميلافوس غروب" طابقا علويا في برج فخم في دبي، وفي غضون أشهر فقط، استحوذت على جزء كبير من أسواق الطاقة العالمية، بفضل رجل أربعيني بات اليوم أحد أقوى قادة توزيع النفط الإيراني في العالم، وفق تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ".
ونقلت "بلومبيرغ" عن أكثر من عشرة أشخاص مطلعين أن هذا الرجل هو حسين شمخاني، ابن رئيس الأمن الإيراني السابق، علي شمخاني، الذي لا يزال مستشارا بارزا للمرشد الأعلى، علي خامنئي.
ولد شمخاني قبل 40 عاما في طهران، وفقا لأشخاص عملوا معه، التحق بالجامعة في موسكو الروسية وبيروت اللبنانية قبل أن يعود إلى العاصمة الإيرانية، طهران، للحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال.
يقضي معظم وقته في دبي، حيث قام بشراء عقارات فاخرة، ويدير إمبراطورية النفط، بحسب الوكالة.
وتشير إلى أن القلة، في دبي والدوائر التجارية في جميع أنحاء العالم، يعرفون هويته الحقيقة، إذ يعمل دون لفت الانتباه ويُعرَف فقط باسم "هيكتور".
وتستحوذ إمبراطورية شمخاني على كميات كبيرة من صادرات النفط الخام العالمية الإيرانية والروسية، وفقا لأشخاص لديهم معرفة مباشرة بعملياته.
وقال الأشخاص لبلومبيرغ إن الشركات في شبكة "هيكتور" تبيع أيضا النفط والبتروكيماويات من الدول غير الخاضعة للعقوبات وأحيانا تخلط النفط الخام من أماكن مختلفة، لذلك حتى المشترين الذين يفحصون النفط قد لا يتمكنون من تحديد بلد المنشأ.
وتقول "بلومبيرغ" إن هذه الرواية الحصرية لصعود شمخاني إلى الصدارة في أسواق النفط العالمية تستند إلى مقابلات مع أكثر من 30 شخصا على دراية بعمليات الشركات في شبكته، بالإضافة إلى الوثائق التي اطلعت عليها الوكالة.
ويقدم صعوده لمحة عن أجزاء من اقتصاد الظل مترامي الأطراف لأساطيل النفط المظلمة التي ظهرت منذ غزو روسيا لأوكرانيا، في فبراير عام 2022. كما يظهر تعاونا متزايدا بين طهران وموسكو مع تصعيد القوى العالمية العقوبات ضد الحكومتين، على حد تعبير بلومبيرغ.
وتواجه واشنطن تحديات في تضييق الخناق على هذه التجارة، لأن ذلك يخاطر برفع الأسعار في عام الانتخابات. وفي الوقت ذاته، تحصل إيران على مكاسب سنوية غير متوقعة تبلغ حوالي 35 مليار دولار من صادراتها النفطية، ما يسمح لها بدعم وكلائها لمهاجمة الأصول الإسرائيلية أو الغربية.
تفرض الولايات المتحدة قيودا على بيع النفط الإيراني والروسي، لكن العديد من الدول بما في ذلك الإمارات والصين ليست طرفا فيها.
وشمخاني لا يخضع لعقوبات أميركية ولا يحظر القانون الإماراتي على الشركات تداول النفط الخام من إيران أو روسيا. وقال بعض الأشخاص إن الكيانات في شبكته تقوم أيضا بأعمال تجارية كبيرة مع المشترين الصينيين، مع العديد من هذه المعاملات باليوان وخارج نطاق العقوبات الأميركية.
ومع ذلك، فرضت الولايات المتحدة بالفعل عقوبات على السفن التي يعتقد أنها تخضع لسيطرة شمخاني، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر.
ويخضع شمخاني وأجزاء من شبكته التجارية، بما في ذلك ميلافوس، التي تقوم ببعض الأعمال داخل نظام الدولار، للتحقيق بسبب انتهاكات محتملة للعقوبات من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الخزانة، وفقا للأشخاص والوثائق التي اطلعت عليها "بلومبيرغ".
ونفى محمد الهاشمي، العضو المنتدب لشركة ميلافوس، في رد على "بلومبيرغ" وجود أي علاقة للشركة بشمخاني، بينما قال محام يمثل الشركة إن أعمالها قانونية وإنها لا تملك صلات بأي مصالح روسية أو إيرانية.
وقال شمخاني أيضا إنه لم يؤسس أو يمتلك أو له أي دور في إدارة ميلافوس. ونفى امتلاك أي شركة نفط أو السيطرة على شبكة تجارية أو وجود شركة متورطة في صفقات سلع مع إيران أو روسيا.
لكن تأثير شمخاني واسع جدا، وفق تعبير الوكالة، لدرجة أن المنتجات التي توفرها كيانات في شبكته وصلت أيضا إلى شركات عالمية كبرى مثل سينوبك الصينية وشركة شيفرون ومقرها الولايات المتحدة وشركة "BP Plc" ومقرها المملكة المتحدة، بحسب ما نقلته عن أشخاص مطلعين على الأمر.
وقال أشخاص مطلعون على إمبراطورية شمخاني إنه يشرف بشكل فعال على شبكة متشابكة من الشركات، حيث تعمل ميلافوس كواحدة من الشركات الأم، ويتم إخفاء معلومات ملكية الأعمال والمساهمة والتحكم بسهولة.
وتعتمد ميلافوس من خلال كياناتها على مزج النفط الخام وإعادة تسميته إلى جانب منتجات بترولية مختلفة من إيران وروسيا، كما أنها تتعامل مع بعض النفط من الدول التي لا تخضع للعقوبات.
ويمكن لهذه الأساليب أن تحجب أصول النفط، مما يشكل مشاكل للعملاء الذين يحاولون تحديد مصدره، وفقا لماثيو ليفيت، مسؤول مكافحة الإرهاب السابق في وزارة الخزانة ومكتب التحقيقات الفيدرالي.
وبينما يبني ابنه إمبراطورية مترامية الأطراف لتجارة النفط، لعب شمخاني الأب دورا في تقارب طهران مع كبار قادة السعودية وكذلك الإمارات. وفي العام الماضي، تم استبداله كرئيس أعلى جهاز أمني في إيران، على الرغم من أنه لا يزال جزءا من هيئة استشارية تقدم المشورة للمرشد الأعلى.
وخلال ظهور تلفزيوني قصير في عام 2008، قال شمخاني الأب إنه نصح نجله بالذهاب إلى القطاع الخاص بدلا من السير على خطاه بمنصب حكومي.
يقع مكتب ميلافوس الرئيسي في الطابق 38 في أحد أرقى الأبراج في دبي، وتقول الشركة إن مؤسسي المجموعة لديهم أكثر من 70 عاما من الخبرة المشتركة لكن دون الكشف عن أسمائهم.
وردا على الأسئلة، قال مسؤول إماراتي في بيان عبر البريد الإلكتروني للوكالة إن البلاد ملتزمة بمسؤولياتها لحماية سلامة النظام المالي العالمي.
وتخلص "بلومبيرغ" إلى أن الشركة مجرد جزء واحد من شبكة نفط إيرانية روسية واسعة يقول أشخاص لديهم معرفة مباشرة بالأمر إن شمخاني الأصغر ساعد في إنشائها.
وبلغ حجم أعمال ميلافوس، في عام 2022، حوالي 15 مليار دولار، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر. وقالوا إن المبيعات السنوية عبر الشركات المرتبطة بشمخاني تقدر بمبلغ أعلى بكثير من ذلك.
وفي أوائل أبريل، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على ما يقرب من 12 سفينة ضمن شبكة شمخاني دون الإعلان عن صلتها به، على حد قول بعض الأشخاص. ومع ذلك، فإن أكثر من 60 سفينة يسيطر عليها فعليا لا تزال غير خاضعة للعقوبات.