صحيفة جزائرية تشن هجوما على الإمارات.. "سفيرها شرير وغير مرغوب فيه"
بعد أيام قليلة من مكالمة هاتفية بين الرئيس محمد بن زايد ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون، أبلغ الأخير فيها تهنئته بمناسبة انتخابه لولاية ثانية، شنت صحيفة "الخبر" الجزائرية هجوما كاسحا على الإمارات وجددت اتهامها لها بالتآمر ضد الجزائر، ووصفت سفيرها بأنه "شخص غير مرغوب فيها".
لا أحد يعلم على وجه الدقة والتحديد ما سر تجدد التوتر في العلاقات الجزائرية ـ الإماراتية، غير ما جاء في صحيفة "الخبر" من اتهامات للسفير الإماراتي بأنه عمل على الوقيعة بين الجزائر والإمارات وتقديم معلومات مغلوطة لقيادة بلاده عن ما يجري في الجزائر.
تقول صحيفة الخبر في مقال لها اليوم تصدر صدر صفحتها الأولى: "يعتبـر أيّ سفير في دولة ما، رابط الوصل بين بلده والبلد المُضيف له، فيعمل جاهدا لترقية العلاقات الثنائية وتحسينها، وإذابة الخلافات، إن وجدت، وترويج صورة جيّدة عن بلده الأم ليكون خير سفير، وهذا من أبسط أبجديات العمل الدبلوماسي، لكن هذا الكلام الذي يتعلمه السفراء، الظاهر أنه غاب تماما عن سفير دولة الإمارات في الجزائر، وهو الذي سعى إلى تخريب العلاقات بين الدولتين، إلى أن تحوّل إلى ’سفير غير مرغوب فيه’".
وأضافت: "في أي توتر في العلاقات بين شخصين أو دولتين، إلاّ وتجد طرفا ثالثا يقف بالمرصاد، سعيا لتلويث الروابط وتعكير صفوها، فيكون مثل نزغ الشيطان الذي يعد النّاس الفقر ويأمرهم بالفحشاء، وذلك بالفعل ما كان يقوم به سفير دولة الإمارات في الجزائر، يوسف سيف خميس سباع آل علي، الذي لم يدخّر لا جهده ولا وقته في تسميم العلاقات، متجاوزا كل الأعراف والدبلوماسية وتقاليدها، وضاربا عرض الحائط بأصول الضيافة".
وفي تصعيد للهجة الاتهامات وصفت "الخبر" السفير الإماراتي بأنه "شرير"، وقالت: "تُشير معلومات مؤكدة إلى أنّ "الشرير" وليس السفير، لأنّه فقد ما يفعل وظيفته الأساسية، يقف بنسبة 80 بالمائة من جلّ المشاكل وحدّة التوترات في العلاقات بين الجزائر والإمارات، فقد أصبح يتدخّل بشكل سافر في شؤون الدولة التي توفّر له الضيافة ويرفع تقارير مغلوطة عنها إلى قياداته، ويروّج لصورة خاطئة ومسيئة عن الجزائر، سعيا منه الدائم إلى تخريب العلاقات وتلويثها حتى لا يحدث أي تقارب بين الدولتين، واضعا نفسه في مرتبة "المسؤول" الذي يحدد توجه علاقات بلاده مع الجزائر والعكس".
وتابعت: "أمام هذه الأفعال المشينة التي ارتكبها هذا السفير الذي أساء لبلده وشعبه، قد أصبح بالفعل، في إطار العرف الدبلوماسي، "شخصا غير مرغوب فيه" بالجزائر، إذ سيصبح التعامل معه صعبا، إن لم يكن محظورا، بسبب تصرفاته التي لم يحسن فيها الآداب الدبلوماسية. ويحق للجزائر "السيّدة"، كما أية دولة أخرى، أن تضع أي سفير لديها أو عضو آخر من البعثات الدبلوماسية في خانة "شخص غير مرغوب فيه"، طبقا للمادة التاسعة من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية الموقّعة عام 1961، والتي تنص على أنه "للدولة المعتمد لديها -في أي وقت، وبدون ذكر الأسباب- أن تبلغ الدولة المعتمدة أن الرئيس أو أي عضو من طاقم بعثتها الدبلوماسية أصبح (شخصا غير مقبول)، أو أن أي عضو من طاقم بعثتها (من غير الدبلوماسيين) أصبح (غير مرغوب فيه)".
وأكدت الصحيفة أنه "لم يكن تصنيف السفير الإماراتي "شخصا غير مرغوب فيه" في الجزائر إلا لأنّه قد ثبت في حقه بما لا يدع مجالا للشك، إصراره على انتهاك احترام قوانين ولوائح الدولة المعتمد لديها وتجنب التدخل في شؤونها الداخلية، أو أنّه صار يتحدث بما لا يليق من تصريحات ضد الجزائر ومسؤوليها أو ممارسة التحريض".
وعادت الصحيفة للتذكير بما رأت أنه إساءة من الإمارات ضد الجزائر، وقالت: "لا مانع هنا من التذكير بأن دولة الإمارات مارست في الفترة الأخيرة حملات كراهية وتحريض ضد الجزائر وقيادتها وصلت إلى مستويات غير مقبولة لا دبلوماسيا ولا أخلاقيا، ومع ذلك حافظت الجزائر على ضبط النفس رغم التصرفات العدائية الخطيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر، تزويد المغرب بنظام متطوّر مُعـدٍ للجوسسة على الجزائر، تم تطويره من قبل شركة "كوادريم" الصهيونية، موجّه لاختراق هواتف المسؤولين والصحافيين في 10 دول، من بينها الجزائر. كما أن المسؤولين الإماراتيين، أرادوا، بأيّ ثمن وبأيّ طريقة، فرض تواجد بلادهم في منطقة الساحل ونيّة مخططهم محاصرة الجزائر".
وتابعت: "لعل أبرز شاهد على ذلك، العملية الكبيرة التي أحبطتها قوات الجيش الجزائري بإفشال محاولة إدخال، العام الماضي، مليون و700 ألف قرص مهلوس إلى الجزائر، يتاجر فيها نجل اللواء حفتر بدعم من مسؤولين إماراتيين. ولم تخف تقارير دولية موثوقة، أن الإمارات تورّطت في قضايا جوسسة بعد ثبوت استيراد تقنيات جوسسة إسرائيلية لصالح السلطات الإماراتية، كما اتهم الإعلام الدولي أكثر من مرة، بمحاولاتها توجيه السياسات الداخلية والخارجية لبعض الدول، بهدف بناء "نظام إقليمي جديد" ينسجم مع تصوراتها، وتشن لتحقيق ذلك، هجمات تستهدف منع تعزيز الديمقراطية ونشر الفوضى في بلدان عديدة".
وكانت وكالة الأنباء الرسمية "وام" قد نشرت قبل أيام خبرا عن اتصال رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس الجزائر بإعادة انتخابه لفترة رئاسية جديدة، متمنيا له التوفيق والسداد.
والخميس الماضي علقت السلطات الجزائرية طباعة "يومية جزائر الغد" بشكل فوري مع الشروع في إجراءات قانونية من أجل توقيف نشاطها بشكل نهائي، وفق ما جاء في بيان لوزارة الاتصال الجزائرية.
وكانت الصحيفة الجزائرية قد نشرت على صدر غلافها ملفا بعنوان "هل يخطط الصهاينة ومحور الشر لاغتيال الرئيس تبون؟". وأرفقت في الغلاف صورة لكل من: رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد، وملك المغرب، محمد السادس، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو.
وسبق لصحيفة "الشروق" الجزائرية أن اتهمت الإمارات العربية المتحدة، بدفع المغرب للحرب مع الجزائر بسبب ما وصفته بـ"تحركات مشبوهة" من طرف ملحق الدفاع بسفارة الإمارات العربية في الجزائر، مشيرة إلى وجود "استعداء إماراتي ضد الجزائر" قد يفجر أزمة دبلوماسية بين البلدين في أي وقت.
وبحسب مانشرته الصحيفة، نقلا عن ما وصفته بـ"مصادر أجنبية جد موثوقة"، أن الملحق الإماراتي المشار إليه والذي يحمل رتبة عقيد، "صرح لأحد الدبلوماسيين، في حضرة نظرائه الأوروبيين، بأنه في حال نشوب حرب بين الجزائر والمغرب، فإن بلاده ستقف بكل إمكاناتها مع المملكة العلوية".
واعتبرت الصحيفة الجزائرية أن هذا التصريح (المزعوم) من المسؤول الإماراتي، هو تصريح "أخرق" من مسؤول عربي كان يُفترض حسبها أن تبذل بلده كل الجهود من أجل إحلال السلام وفض النزاعات البينية، في إشارة إلى النزاع والخلاف القائم بين المغرب والجزائر.
وقالت "الشروق" الجزائرية، إن هذا التصريح ينضاف إلى ما سبق أن تداولته تقارير إعلامية جزائرية في وقت سابق، بشأن محاولات الإمارات لدفع الدول المحيطة بالجزائر، لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهي موريتانيا وتونس وليبيا، مشيرة إلى أن الجزائر مستاءة من هذه التحركات الإماراتية.
وسبق للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، أن أقال في شهر يونيو من السنة الماضية (2023) وزير الاتصال محمد بوسليمان، بعد نشر فضائية محلية خاصة أنباء غير صحيحة حول طرد دبلوماسيين إماراتيين.